تفريط النقابات «ذات التمثيلية » في مكاسب رجال التعليم

نظمت النقابة الوطنية للتعليم العضو في الفيدرالية الديمقراطية للشغل يوم الأحد 10 / 06 / 2007 بالغرفة الفلاحية بالناظور لقاءا تواصليا مع الشغيلة التعليمية بالإقليم ، لتقديم آخر مستجدات الملف المطلبي . ألقى خلاله السيد عبد الصادق الرغيوي عضو المكتب الوطني للنقابة المذكورة عرضا تطرق فيه إلى الاتفاق المبرم بين وزارة التربية الوطنية والتعليم العالي وتكوين الأطر والبحث العلمي وبين الطرف النقابي الذي يمثله .
وليس الهدف من هذا المقال تقييم النتائج التي خلص إليها الاتفاق المذكور ، - خصوصا وأن العارض لم يكن دقيقا في تقديم الحصيلة ، إذ تعمد الخلط بين ما وقع عليه الاتفاق والمطالب العالقة - ، بل الهدف هو تعقيب حول جواب عن سؤال تقدم به أحد الحاضرين حول أهم نقطة اعتبرت مكسبا جديدا تحقق لفئتين من رجال التعليم ، وأخص بالذكر أساتذة التعليم الابتدائي وأساتذة التعليم الثانوي الإعدادي . ويتمحور السؤال حول تاريخ تطبيق المرسوم رقم 403 . 04 . 2 الصادر في 29 من شوال 1426
دجنبر2005 ، بتحديد شروط ترقي موظفي الدولة في الدرجة أو الإطار ، والذي صدر في الجريدة الرسمية المؤرخة ب 10 محرم 1427 - 9 فبراير 2006 تحت عدد 5394 .
وللتذكير بمضمون المرسوم أدرج بعضا مما ورد فيه :
« يتم الترقي بالاختيار بعد التقييد في جدول الترقي من الدرجات المرتبة في السلم 11 أو في درجات لها ترتيب استدلالي مماثل إلى الدرجة الأعلى في حدود 22 % سنويا من عدد الموظفين المرتبين في الرتبة السابعة والمتوفرين على 5 سنوات من الخدمة في الدرجة » .
لقد صرح العارض في جواب عن السؤال المطروح - إما عن سهو أو عن جهل أو عن سوء تأويل لنص قانوني - بأن المرسوم يستثني فئتي أساتذة التعليم الابتدائي وأساتذة التعليم الثانوي الإعدادي ، لأن موظفي وزارة التربية الوطنية يسري عليهم نظام أساسي خاص بهم ؛ بل ذهب أبعد من ذلك حيث أكد أن نقابته ناضلت من أجل تحقيق هذا « المطلب » ، وأن وزارة التربية الوطنية وافقت عليه مؤخرا . وبالتالي فإن تفعيله سيتطلب وقتا غير يسير يمر عبر مسار المصادقة عليه من قبل وزارة تحديث القطاعات العامة ، ووزارة المالية والخوصصة ، والوزارة الأولى ، ليصدر بعد ذلك في الجريدة الرسمية ربما خلال نهاية هذه السنة أو السنة المقبلة .
وهذا الإدعاء مجانب للحقيقة للحيثيات التالية :
- إن المرسوم المذكور ( رقم 403 . 04 . 2 ) لا يستثني أساتذة التعليم الابتدائي وأساتذة التعليم الثانوي الإعدادي المستوفين للشروط المطلوبة ، بل على العكس من ذلك جاء ليحقق الإنصاف بين الموظفين في مختلف القطاعات بما فيها قطاع التعليم ، إذ كانت الخلفية المتحكمة في استصدار المرسوم هي إرساء منظومة جديدة وموحدة للترقي على أساس الاستحقاق ، فصحح ثغرة من ثغرات النظام الأساسي الخاص بموظفي وزارة التربية الوطنية المعمول به حاليا .
- إنه بصدور المرسوم المذكور في الجريدة الرسمية بتاريخ 10 محرم 1427 - 9 فبراير 2006
أصبح من حق أساتذة التعليم الابتدائي والتعليم الثانوي الإعدادي المستوفين للشروط المطلوبة الترقي إلى الدرجة الأعلى ابتداء من تاريخ صدور المرسوم (9 فبراير 2006 ) ، لا أن يتحول الحق المكتسب بقوة القانون إلى مجرد مطلب يتم التفاوض بشأنه بين النقابات « ذات التمثلية » والوزارة ، ويتم إرجاء تفعيله إلى أجل غير مسمى .
- إن أي اجتهاد قانوني ينبغي أن يكون لصالح الموظف وليس ضد مصلحته ، فالمادة الرابعة من المرسوم المذكور صريحة ، وقد ورد فيها بالحرف ما يلي : « وتنسخ ابتداء من نفس التاريخ جميع المقتضيات التنظيمية المخالفة المنصوص عليها في مختلف
الأنظمة الأساسية ، ويسند تنفيذه إلى وزير المالية و الخوصصة و الوزير المكلف بتحديث القطاعات العامة كل واحد منهما في ما يخصه » .
- إن المعالجة النقابية لهذا الملف تنم عن تقصير في الفهم وتأويل سيء للنصوص القانونية ، ولا تخدم الفئات التعليمية التي تشعر بالإحباط لنوعية طريقة المعالجة . وحتى على فرض أن المرسوم يقصي الفئات المذكورة ، فالواجب هو المطالبة بتعميم تطبيق المرسوم على جميع الموظفين في جميع القطاعات تحقيقا لمبدأ الإنصاف الذي ظل مطمحا لفئات عريضة من الموظفين في قطاعات مختلفة إسوة ببعض القطاعات المحظوظة كالمالية . ولتصحيح الوضع يجب التمسك بتطبيق المرسوم ابتداء من ( 9 فبراير 2006 ) لتجسيد حسن النية والدفاع الحقيقي عن مطالب هذه الفئات . أما ما عدا ذلك فهو استهتار وتفريط في حقوق فئة عريضة من الشغيلة التعليمية ومجاراة للوزارة في حساباتها المالية الضيقة .
لقد كنا - كأساتذة - ننتظر أن ينصب التفاوض حول معايير تفعيل المرسوم ابتداء من تاريخ صدوره بالجريدة الرسمية أي ( 9 فبراير 2006 ) ، وليس تحول الحق إلى مجرد مطلب والعودة إلى نقطة الصفر وضياع سنوات دون جدوى ، والمساهمة في تكدس أفواج المنتظرين .
إن الفئات المعنية لا تمنح تفويضا لأي كان للإجهاز على هذا الحق المكتسب ، وتحت أي ذريعة كانت . وللأمانة التاريخية فقد فوجئ الأساتذة المعنيون سنة 2005 بمبادرة وزارة القطاعات العامة إلى استصدار المرسوم المذكور ، وهو ما خلف حينذاك ارتياحا لدى الفئات المشمولة ، حتى قبل أن تبادر إلى النضال من أجل تحقيق مطلبها في الترقي إلى درجة خارج السلم ، و أستحضر هنا أن أساتذة التعليم الثانوي الإعدادي كانوا يشعرون بالحيف منذ صدور اتفاق 13 فبراير 2003 ، الذي حصر ترقيتهم في السلم 11 مع استحداث 3 رتب جديدة في الدرجة الأولى و هي الرتب 11 و 12 و 13 ، وخصوصا فئة المجازين الذين عزموا على النضال من أجل انتزاع حقهم في الترقي للدرجة الأعلى ( خارج السلم ) إسوة بأساتذة التعليم الثانوي التأهيلي ، وإقرار نفس الحق لأساتذة التعليم الابتدائي المستوفين للشروط المطلوبة .
وكم كان ابتهاجنا عظيما حين أصدرت وزارة تحديث القطاعات العامة مرسوما يسعى إلى تحقيق الإنصاف بين جميع الموظفين في جميع القطاعات .
وختاما فإنني أدعو الأساتذة المعنيين إلى المشاركة في إثراء هذا النقاش والدفاع عن هذا الحق المكتسب بالطرق المشروعة ، وحمل النقابات « ذات التمثلية » وغيرها على تدارك هذا الحيف قبل فوات الأوان